الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: روضة الطالبين وعمدة المفتين **
فلو فعل لم يصح للفرض ولا للنفل أيضاً على المذهب ولو جمع بين الصلاتين بالتيمم جاز على الصحيح ويكون وقت الأولى وقتا للثانية ولو تيمم للظهر فصلاها ثم تيمم للعصر ليجمعها فدخل وقت العصر قبل فعلها بطل الجمع والتيمم ووقت الفائتة بتذكرها ولو تيمم لمؤداة في أول وقتها وصلاها به في آخره جاز قطعا نص عليه. قلت وفيه وجه مشهور في الحاوي وغيره أنه لا يجوز التأخير إلا بقدر الحاجة كالمستحاضة والفرق ظاهر والله أعلم. ولو تيمم لفائتة ضحوة فلم يصلها حتى دخلت الظهر فله أن يصلي به الظهر على الأصح ولو تيمم للظهر ثم تذكر فائتة قيل يستبيحها به قطعا وقيل على الوجهين وهو الأصح هذا كله تفريع على الأصح أن تعيين الفريضة ليس بشرط فإن شرطناه لم يصح غير ما نواه. أما النوافل فمؤقتة وغيرها أما المؤقتة فكالرواتب مع الفرائض وصلاة العيد والكسوف وأوقاتها معروفة ووقت الاستسقاء الاجتماع لها في الصحراء ووقت الجنازة انقضاء الغسل وقيل وجهان وإن تيمم لها في وقتها استباحها وفي وقت استباحة الفرض القولان المتقدمان فإن استباحه فله ذلك إن كان تيممه في وقت الفريضة وإن كان قبله على الوجهين في التيمم لفائتة ضحوة. وأما غير المؤقتة فيتيمم لها كل وقت إلا وقت الكراهة فلا يصح فيه على الأصح هذا كله تفريع على المذهب في أن التيمم للنافلة وحدها صحيح وفيه الوجه المتقدم في الركن الرابع من الباب الثاني. قلت ولو تيمم لنافلة لا سبب لها قبل وقت الكراهة لم تبطل بدخول وقت الكراهة بل يستبيحها بعده بلا خلاف ولو أخذ التراب قبل وقت الفريضة ثم مسح الوجه في الوقت لم يصح لأن أخذ التراب من واجبات التيمم فلا يصح قبل الوقت ولو تيمم شاكا في الوقت وصادفه لم يصح وكذا لو طلب شاكا في دخول الوقت وصادفه لم يصح الطلب والله أعلم. الحكم الثالث قضاء الصلاة لعذر ضربان عام ونادر فالعام لا قضاء معه كصلاة مسافر محدث أو جنب بالتيمم لعدم ما يجب استعماله إذا لم يكن سفر معصية وفي سفر المعصية أوجه الأصح يجب التيمم والقضاء والثاني يتيمم ولا يقضي والثالث لا يجوز التيمم وقصير السفر كطويله على المذهب وقيل في وجوب القضاء معه قولان وكصلاة المريض بالتيمم أو قاعدا أو مضطجعا والصلاة بالإيماء في شدة الخوف. وأما النادر فقسمان قسم يدوم غالبا وقسم لا يدوم فما يدوم يمنع القضاء كالاستحاضة وسلس البول والمذي والجرح السائل واسترخاء المقعد ودوام خروج الحدث سواء كان له بدل أو لا وما لا يدوم نوعان نوع معه بدل ونوع لا بدل معه فما لا بدل معه يوجب القضاء وذلك صور منها من لم يجد ماء ولا ترابا وفيه أقوال المشهور وجوب الصلاة بحسب حاله ووجوب القضاء والثاني تحرم الصلاة والثالث تستحب ويجب القضاء على هذين والرابع تجب الصلاة بلا قضاء وإذا قلنا يصلي لا يجوز مس المصحف ولا قراءة القرآن للجنب والحائض ولا وطء الحائض وإذا قدر على ماء أو تراب في الصلاة بطلت ومنها المربوط على خشبة ومن شد وثاقه بالأرض يصلي بالإيماء ويعيد وقال الصيدلاني إن صلى مستقبل القبلة لم يعد وإلا عاد قال وكذا الغريق يصلي على خشبة بالإيماء وذكر البغوي نحوه. ومنها من على جرحه نجاسة يخاف التلف من غسلها أو حبس في موضع وصلى فيه على النجاسة للضرورة فتجب الاعادة على المشهور وفي القديم لا يجب إعادة صلاة وجبت في الوقت وإن كانت مختلة وأما ما معه بدل فصور منها المقيم إذا تيمم لعدم الماء فيجب عليه الاعادة على المشهور لأن فقد الماء في الاقامة نادر وإنما لا يجب القضاء على المسافر لأن فقد الماء يعم هذا هو الضابط عند الأصحاب وليس مخصوصا بالسفر أو الإقامة حتى لو أقام في مفازة أو موضع يعدم فيه الماء غالبا وطالت إقامته وصلاته بالتيمم فلا إعادة ولو دخل المسافر في طريقه قرية وعدم الماء وصلى بالتيمم وجبت الاعادة على الأصح وإن كان حكم السفر باقيا وأما قول الأصحاب المقيم يقضي والمسافر لا يقضي فمرادهم الغالب من حال المسافر والمقيم وحقيقته ما ذكرنا. ومنها التيمم لعذر في بعض الأعضاء فإن لم يكن على العضو ساتر من جبيرة أو لصوق فلا إعادة وإن كان ساتر من جبيرة ونحوها فثلاثة أقوال الأظهر أنه إن وضعها على طهر فلا إعادة وإلا وجبت والثاني لا يعيد مطلقا والثالث يعيد وقال ابن الوكيل من أصحابنا الخلاف إذا لم يتيمم أما إذا قلنا يجب التيمم فتيمم فلا إعادة قطعا والمذهب طرد الخلاف مطلقا هذا كله إذا لم تكن الجبيرة على محل التيمم فإن كانت عليه أعاد بلا خلاف ومنها التيمم لشدة البرد والأظهر أنه يوجب الاعادة والثاني لا والثالث يجب على الحاضر دون المسافر. أما العاجز عن ستر العورة ففيه قولان ووجه وقيل ثلاثة أوجه أصحها يصلي قائما ويتم الركوع والسجود والثاني يصلي قاعدا وهل يتم الركوع والسجود أم يومىء فيه قولان والثالث يتخير بين الأمرين ويجري هذا الخلاف فيما لو حبس في موضع نجس لو سجد لسجد على نجاسة وفيما لو وجد ثوبا طاهرا لو فرشه على النجاسة لبقي عاريا وفيما لو وجد العاري ثوبا نجسا هل يصلي فيه. أم عاريا ثم إن قلنا العريان لا يتم الأركان أعاد على المذهب وفيه خلاف من لم يجد ماء ولا ترابا وإن قلنا يتمها فلا إعادة على المذهب سواء كان في السفر أو الحضر ممن يعتاد العري أو ممن لا يعتاد العري وقيل يجب على من لا يعتاد العري. قلت ولو لم يجد المريض من يحوله للقبلة لزمه الصلاة بحسب حاله وتجب الاعادة على المذهب قال الروياني وقيل قولان وهو شاذ قال إمام الحرمين وغيره ثم ما حكمنا من الأعذار بأنه دائم وأسقطنا به الفرض فزال بسرعة فهو كدائم وما حكمنا أنه لا يدوم فدام فله حكم ما لم يدم إلحاقا لشاذ الجنس بالجنس. ثم كل صلاة أوجبناها في الوقت وأوجبنا إعادتها فهل الفرض الأولى أم الثانية أم كلاهما أم إحداهما لا بعينها فيه أربعة أقوال أظهرها عند الجمهور الثانية وعند القفال والفوراني وابن الصباغ كلاهما وهو أفقه فإنه مكلف بهما وهذه مسائل منثورة لا يستحب فيها تجديد التيمم على المذهب وبه قطع الجمهور وفي المستظهري وجهان ويتصور في مريض وجريح ونحوهما ممن تيمم مع وجود الماء إذا تيمم وصلى فرضا ثم أراد نفلا ويتصور في متيمم لعدم الماء إذا صلى فرضا ولم يفارق موضعه ولم نوجب طلبا لتحققه العدم أو لم نوجبه ثانيا وحكم اليد المقطوعة كهو في الوضوء حتى إذا لم يبق شيء من محل الفرض استحب مسح العضد قال الدارمي وإذا لم يكن مرفق استطهر حتى يعلم ولو وجد المسافر على الطريق خابية ماء مسبلة تيمم ولا يجوز الوضوء منها لأنها انما توضع للشرب ذكره المتولي ونقله الروياني عن الأصحاب ولو منع الوضوء إلا منكوسا فهل له الاقتصار على التيمم أم عليه غسل الوجه لتمكنه منه فيه القولان فيمن وجد بعض ما يكفيه حكاه الروياني عن والده قال ولا يلزمه قضاء الصلاة اذا امتثل المأمور على القولين. وفي القضاء نظر لندوره لكن الراجح ما ذكره لأنه في معنى من غصب ماؤه ولا قضاء قال صاحب الحاوي والبحر لو مات رجل معه ماء لنفسه لا يكفيه لبدنه فإن أوجبنا استعمال الناقص لزم رفقته غسله به وإلا يمموه فإن غسلوه به ضمنوا قيمته لوارثه ولو تيمم لمرض فبرأ في أثناء الصلاة فكرؤية الماء في صلاة المسافر ولو تيمم عن جنابة أو حيض ثم أحدث حرم ما يحرم على محدث ولا يحرم قراءة القرآن واللبث في المسجد ولو تيمم جنب فرأى ماء حرمت القراءة وكل ما كان حراما حتى يغتسل قال الجرجاني ليس أحد يصح إحرامه بصلاة فرض دون نفل إلا من عدم ماء وترابا أو سترة طاهرة أو كان على بدنه نجاسة عجز عن إزالتها والله أعلم.
وهو جائز بشرطين أحدهما لبسه على طهارة كاملة فلو غسل رجلا فلبس خفها ثم غسل الأخرى لم يجز المسح فلو نزع الأولى ثم لبسها كفاه وجاز المسح بعده على الصحيح وعلى الثاني لا بد من نزعهما ولو أدخل الرجلين ساقي الخفين بلا غسل ثم غسلهما ثم أدخلهما قرار الخف صح لبسه وجاز المسح ولو لبس متطهرا ثم أحدث قبل وصول الرجل قدم الخف أو مسح بشرطه ثم أزال القدم من مقرها ولم يظهر من محل الفرض شيء ففي الصورتين ثلاثة أوجه الصحيح جواز المسح في الثانية ومنعه في الأولى والثاني يجوز فيهما والثالث لا يجوز فيهما ولو لبست المستحاضة على وضوئها ثم أحدثت بغير الاستحاضة فوجهان أحدهما لا يصح مسحها لضعف طهارة لبسها والصحيح المنصوص جوازه فعلى هذا لو انقطع دمها وشفيت قبل المسح لم يجز المسح على المذهب وقيل فيه الوجهان وحيث جوزنا فإنما يستبيح بلبسها المسح لما شاءت من النوافل ولفريضة إن لم تكن صلت بوضوء اللبس فريضة بأن أحدثت بعد وضوئها ولبسها قبل أن تصلي تلك الفريضة ولا غيرها من الفرائض فإن أحدثت بعد فعل الفريضة مسحت واستباحت النوافل ولا تستبيح فريضة مقضية ولا مؤداة تحضر فإن أرادت فريضة وجب نزع الخف واستئناف اللبس بطهارة ولنا وجه شاذ أنها تستوفي مدة المسح يوما وليلة حضرا وثلاثة سفرا ولكن تعيد الوضوء والمسح لكل فريضة وفي معنى طهارة المستحاضة طهارة سلس البول وكل من به حدث دائم وكذا الوضوء المضموم إليه التيمم لجراحة أو كسر فحكمهم حكمها بلا فرق وأما من محض التيمم بلا وضوء فإن كان بسبب غير إعواز الماء فهو كالمستحاضة وإن كان للاعواز فقال ابن سريج هو كهي والصحيح أنه لا يستبيح المسح أصلا. الشرط الثاني أن يكون الملبوس صالحا للمسح وصلاحيته بأمور الأول أن يستر محل فرض غسل الرجلين فلو قصر عن محل الفرض لم يجز قطعا وفي المخروق قولان القديم جواز المسح ما لم يتفاحش الخرق بأن لا يتماسك في الرجل ولا يتأتى المشي عليه وقيل التفاحش أن يبطل اسم الخف والجديد الأظهر لا يجوز إذا ظهر شيء من محل الفرض وإن قل ولو تخرقت البطانة أو الظهارة جاز المسح إن كان الباقي صفيقا وإلا فلا على الصحيح ويقاس على هذا ما إذا تخرق من الظهارة موضع ومن البطانة موضع آخر لا يحاذيه أما الخف المشقوق القدم إذا شد محل الشق بالشرج فإن ظهر شيء مع الشد لم يجز المسح وإلا جاز على الصحيح المنصوص فلو فتح الشرج بطل المسح في الحال وإن لم يظهر شيء. الأمر الثاني أن يكون قويا بحيث يمكن متابعة المشي عليه بقدر ما يحتاج إليه المسافر في حوائجه عند الحط والترحال فلا يجوز المسح على اللفائف والجوارب المتخذة من صوف ولبد وكذا الجوارب المتخذة من الجلد الذي يلبس مع المكعب وهي جوارب الصوفية لا يجوز المسح عليها حتى يكون بحيث يمكن متابعة المشي عليها ويمنع نفوذ الماء إن شرطناه إما لصفاقتها وإما لتجليد القدمين والنعل على الأسفل أو الإلصاق على المكعب وقيل في اشتراط تجليد القدم مع صفاقتها قولان ولو تعذر المشي فيه لسعته المفرطة أو ضيقه لم يجز المسح على الأصح. ولو تعذر لغلظه أو ثقله كالخشب والحديد أو لتحديد رأسه بحيث لا يستقر على الأرض لم يجز ولو اتخذ لطيفا من خشب أو حديد يتأتى المشي فيه جاز قطعا ولو لم يقع عليه اسم الخف بأن لف على رجله قطعة أدم وشدها لم يجز المسح. الأمر الثالث في أوصاف مختلف فيها فالخف المغصوب والمسروق وخف الذهب أو الفضة يصح المسح عليه على الأصح والخف من جلد كلب أو ميتة قبل الدباغ لا يجوز المسح عليه قطعا لا لمس مصحف ولا لغيره ولو وجدت في الخف شرائطه إلا أنه لا يمنع نفوذ الماء لم يجز قلت ولو لبس واسع الرأس يرى من رأسه القدم جاز المسح عليه على الصحيح ويجوز على خف زجاج قطعا إذا أمكن متابعة المشي عليه والله أعلم. فرع الجرموق هو الذي يلبس فوق الخف لشدة البرد غالبا فإذا لبس خفا فوق خف فله أربعة أحوال أحدها أن يكون الأعلى صالحا للمسح عليه دون الأسفل لضعفه أو لخرقه فالمسح على الأعلى خاصة. الثاني عكسه فالمسح على الأسفل خاصة فلو مسح الأعلى فوصل البلل إلى الأسفل فإن قصد مسح الأسفل أجزأه وكذا إن قصدهما على الصحيح وإن قصد الأعلى لم يجز وإن لم يقصد واحدا بل قصد المسح في الجملة أجزأه على الأصح لقصده إسقاط فرض الرجل بالمسح. الثالث أن لا يصلح واحد منهما فيتعذر المسح. الرابع أن يصلحا كلاهما ففي المسح على الأعلى وحده قولان القديم جوازه والجديد منعه. قلت الأظهر عند الجمهور الجديد وصحح القاضي أبو الطيب في شرح الفروع القديم والله أعلم فإن جوزنا المسح على الجرموق فقد ذكر ابن سريج فيه ثلاثة معان أظهرها أن الجرموق بدل عن الخف والخف بدل عن الرجل والثاني الأسفل كلفافة والأعلى هو الخف والثالث أنهما كخف واحد فالأعلى ظهارة والأسفل بطانة وتتفرع: على المعاني مسائل منها لو لبسهما معا على طهارة فأراد الاقتصار على مسح الأسفل جاز على المعنى الأول دون الآخرين ومنها لو لبس الأسفل على طهارة والأعلى على حدث ففي جواز المسح على الأعلى طريقان أحدهما لا يجوز وأصحهما فيه وجهان إن قلنا بالمعنى الأول والثاني لم يجز وبالثالث يجوز فلو لبس الأسفل بطهارة ثم أحدث ومسحه ثم لبس الجرموق فهل يجوز مسحه فيه طريقان أحدهما يبنى على المعاني إن قلنا بالأول أو الثالث جاز وبالثاني لا يجوز وقيل يبنى الجواز على هذا الثاني على أن مسح الخف يرفع الحدث أم لا إن قلنا يرفع جاز وإلا فلا. الطريق الثاني القطع بالبناء على رفع الحدث وإذا جوزنا مسح الأعلى في هذه المسألة قال الشيخ أبو علي ابتداء المدة من حين إحداث أول لبسه الأسفل وفي جواز الاقتصار على الأسفل الخلاف السابق ومنها لو لبس الأسفل على حدث وغسل رجله فيه ثم لبس الأعلى على طهارة كاملة فلا يجوز مسح الأسفل قطعا ولا مسح الأعلى إن قلنا بالمعنى الأول أو الثالث وبالثاني يجوز ومنها لو تخرق الأعلى من الرجلين جميعا أو نزعه منهما بعد مسحه وبقي الأسفل بحاله فإن قلنا بالمعنى الأول لم يجب نزع الأسفل بل يجب مسحه وهل يكفيه مسحه أم يجب استئناف الوضوء فيه القولان في نازع الخفين وإن قلنا بالمعنى الثالث فلا شيء عليه وإن قلنا بالثاني وجب نزع الأسفل أيضاً وغسل القدمين وفي استئناف الوضوء القولان فحصل من الخلاف في المسألة خمسة أقوال أحدها لا يجب شيء والثاني يجب مسح الأسفل فقط. والثالث يجب المسح واستئناف الوضوء. والرابع يجب نزع الخفين وغسل الرجلين. والخامس يجب ذلك مع استئناف الوضوء ومنها لو تخرق الأعلى من إحدى الرجلين أو نزعه فإن قلنا بالمعنى الثالث فلا شيء عليه وإن قلنا بالثاني وجب نزع الأسفل أيضاً من هذه الرجل ووجب نزعهما من الرجل الأخرى وغسل القدمين وفي استئناف الوضوء القولان وإن قلنا بالمعنى الأول فهل يلزمه نزع الأعلى من الرجل الأخرى وجهان أصحهما نعم كمن نزع إحدى الخفين فإذا نزعه عاد القولان في أنه هل يجب استئناف الوضوء أم يكفيه مسح الأسفل والثاني لا يلزمه نزع الثاني وفي واجبه القولان أحدهما مسح الأسفل الذي نزع أعلاه والثاني استئناف الوضوء ومسح هذا الأسفل والأعلى من الرجل الأخرى ومنها لو تخرق الأسفل منهما لم يضر على المعاني كلها فإن تخرق من إحداهما فإن قلنا بالمعنى الثاني أو الثالث فلا شيء عليه وإن قلنا بالأول وجب نزع واحد من الرجل الأخرى لئلا يجمع بين البدل والمبدل قاله في التهذيب وغيره ولك أن تقول هذا المعنى موجود فيما إذا تخرق الأعلى من إحدى الرجلين وقد حكوا وجهين في وجوب نزعه من الأخرى فليحكم بطردهما هنا ثم إذا نزع ففي واجبه القولان أحدهما مسح الخف الذي نزع الأعلى من فوقه والثاني استئناف الوضوء والمسح عليه وعلى الأعلى الذي تخرق الأسفل تحته ومنها لو تخرق الأسفل والأعلى من الرجلين أو من إحداهما لزمه نزع الجميع على المعاني كلها لكن إن قلنا بالمعنى الثالث وكان الخرقان في موضعين غير متحاذيين لم يضر كما تقدم بيانه ومنها لو تخرق الأعلى من رجل والأسفل من الأخرى فإن قلنا بالثالث فلا شيء عليه وإن قلنا بالأول نزع الأعلى المتخرق وأعاد مسح ما تحته. وهل يكفيه ذلك أم يحتاج إلى استئناف الوضوء ماسحا عليه وعلى الأعلى من الرجل الأخرى فيه القولان هذا كله تفريع على جواز مسح الجرموق فإن منعناه فأدخل يده بينهما ومسح الخف الأسفل جاز على الأصح ولو تخرق الأسفلان فإن كان عند التخرق على طهارة لبسه الأسفل مسح الأعلى لأنه صار أصلا لخروج الأسفل عن صلاحيته للمسح وإن كان محدثا لم يجز مسح الأعلى كاللبس على حدث وإن كان على طهارة مسح فوجهان كما ذكرنا في التفريع على القديم أما اذا لبس جرموقا في رجل واقتصر على الخف في الأخرى فعلى الجديد لا يجوز مسح الجرموق وعلى القديم يبنى على المعاني الثلاثة فعلى الأول لا يجوز كما لا يجوز المسح في خف وغسل الرجل الأخرى. وعلى الثالث يجوز وكذا على الثاني على الأصح. قلت واذا جوزنا المسح على الجرموق فكذا إذا لبس ثانيا وثالثا ولو لبس الخف فوق الجبيرة لم يجز المسح عليه على الأصح والله أعلم.
أما أقله فما ينطبق عليه اسم المسح من محل فرض الغسل في الرجل إلا أسفلها فلا يجوز الاقتصار عليه على الأظهر وقيل يجوز قطعا وقيل لا يجوز وإلا العقب فلا يجزىء على المذهب وقيل هو أولى بالجواز من الأسفل وقيل أولى بالمنع. قلت وحرف الخف كأسفله قاله في التهذيب والله أعلم. وأما الأكمل فمسح أعلاه وأسفله ولكن ليس استيعاب جميعه سنة على الأصح ويستحب مسح العقب على الأظهر وقيل الأصح وقيل قطعا ولو كان عند المسح على أسفله نجاسة لم يجز المسح عليه ويجزىء غسل الخف عن مسحه على الصحيح لكن يكره ويكره أيضاً تكرار المسح على الصحيح وعلى الثاني يستحب تكراره ثلاثا كالرأس. قلت قال أصحابنا لا تتعين اليد للمسح بل يجوز بخرقة وخشبة وغيرهما ولو وضع يده المبتلة ولم يمرها أو قطر الماء عليه أجزأه على الصحيح كما تقدم في الرأس والله أعلم.
يباح المسح على الخف للصلاة وسائر ما يفتقر إلى الوضوء وله المسح إلى إحدى غايات أربع. الأولى مضي يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليهن للمسافر على المشهور الجديد وفي القديم يجوز غير مؤقت والتفريع على الجديد وابتداء المدة من الحدث بعد اللبس وأكثر ما يمكن المقيم أن يصلي من الفرائض المؤداة ست صلوات إن لم يجمع فإن جمع لمطر فسبع والمسافر ست عشرة وبالجمع سبع عشرة وأما المقضيات فلا تنحصر. واعلم أن المسافر إنما يمسح ثلاثة أيام إذا كان سفره طويلا وغير معصية فإن قصر سفره مسح يوما وليلة وإن كان معصية مسح يوما وليلة على الأصح وعلى الثاني لا يمسح شيئا ويجزىء الوجهان في العاصي بالإقامة كالعبد المأمور بالسفر إذا أقام. فرع إذا لبس الخف في الحضر ثم سافر ومسح في السفر مسح سواء كان أحدث في الحضر أم لا وسواء سافر بعد الحدث وخروج وقت الصلاة أم لا وقال المزني إن أحدث في الحضر مسح مسح مقيم وقال أبو اسحاق المروزي إن خرج الوقت في الحضر ولم يصل ثم سافر مسح مسح مقيم أما إذا مسح في الحضر ثم سافر فيتم مسح مقيم والاعتبار في المسح بتمامه فلو مسح إحدى الخفين في الحضر ثم سافر ومسح الآخر في السفر فله مسح مسافر لأنه تم مسحه في السفر قلت هذا الذي جزم به الإمام الرافعي رحمه الله في مسألة المسح على أحد الخفين في الحضر هو الذي ذكره القاضي حسين وصاحب التهذيب لكن الصحيح المختار ما جزم به صاحب التتمة واختاره الشاشي أنه يمسح مسح مقيم لتلبسه بالعبادة في الحضر والله أعلم. أما إذا مسح في السفر ثم أقام فإن كان بعد مضي يوم وليلة فأكثر فقد انقضت مدته ويجزئه ما مضى وإن كان قبل يوم وليلة تممها وقال المزني يمسح ثلث ما بقي من ثلاثة أيام ولياليهن مطلقا ولو شك الماسح في السفر أو الحضر في انقضاء مدته وجب الأخذ بانقضائها ولو شك المسافر هل ابتدأ المسح في الحضر أم السفر أخذ بالحضر فيقتصر على يوم وليلة فلو مسح في اليوم الثاني شاكا وصلى به ثم علم في اليوم الثالث أنه كان ابتدأ في السفر لزمه إعادة ما صلى في اليوم الثاني وله المسح في اليوم الثالث فإن كان مسح في اليوم الأول واستمر على الطهارة فلم يحدث في اليوم الثاني فله أن يصلي في الثالث بذلك المسح لأنه صحيح فإن كان أحدث في الثاني ومسح شاكا وبقي على تلك الطهارة لم يصح مسحه فيجب إعادة المسح وفي وجوب استئناف الوضوء القولان في الموالاة وقال صاحب الشامل يجزئه المسح مع الشك والصحيح الأول. الغاية الثانية نزع الخفين أو أحدهما فإن وجد ذلك وهو على طهارة مسح لزمه غسل الرجلين ولا يلزمه استئناف الوضوء على الأظهر واختلف في أصل القولين فقيل أصل بنفسيهما وقيل مبنيان على تفريق الوضوء وضعفه الأصحاب وقيل على أن بعض الطهارة هل يختص بالانتقاض أم يلزمه من انتقاض بعضها انتقاض جميعها وقيل مبنيان على أن مسح الخف يرفع الحدث عن الرجل أم لا فإن قلنا لا يرفع اقتصر على غسل الرجلين وإلا استأنف الوضوء. قلت الأصح عند الأصحاب أن مسح الخف يرفع الحدث عن الرجل كمسح الرأس ولو خرج الخف عن صلاحية المسح لضعفه أو تخرقه أو غير ذلك فهو كنزعه ولو انقضت المدة أو ظهرت الرجل وهو في صلاة بطلت فلو لم يبق من المدة إلا ما يسع ركعة فافتتح ركعتين فهل يصح الافتتاح وتبطل صلاته عند انقضاء المدة أم لا تنعقد وجهان في البحر أصحهما الانعقاد وفائدتهما أنه لو اقتدى به إنسان عالم بحاله ثم فارقه عند انقضاء المدة هل تصح صلاته أم لا تنعقد فيه الوجهان وفيما لو أراد الاقتصار على ركعة والله أعلم. الغاية الرابعة إذا نجست رجله في الخف ولم يمكن غسلها فيه وجب النزع لغسلها فإن أمكن غسلها فيه فغسلها لم يبطل المسح. فرع سليم الرجلين إذا لبس خفا في إحداهما لا يصح مسحه فلو لم يكن له إلا رجل جاز المسح على خفها ولو بقيت من الرجل الأخرى بقية لم يجز المسح حتى يواريها بما يجوز المسح عليه قلت لو كان إحدى رجليه عليلة بحيث لا يجب غسلها فلبس الخف في الصحيحة قطع الدارمي بصحة المسح عليه وصاحب البيان بالمنع وهو الأصح لأنه يجب التيمم عن الرجل العليلة فهي كالصحيحة والله أعلم.
|